كنا قد سيطرنا على محطة مهمة من محطات جبهة الكفرة، نقلنا جثثهم النتنة و أسلحتهم و بسيارتهم إلى خارج الموقع...

هذه العملية كانت قد أستمرت من الساعة العاشرة ليلاً حتى الواحدة و النصف بعد منتصف الليل. حاول الأعداء في الساعة الثالثة استعادة الموقع منا، كنا قد اتخذنا التدابير المطلوبة بقدر الإمكانيات. الكفرة بدؤوا بالعواء و النهيق و جاؤوا من جهتين، هوكر و متين و ريناس و تكوشر و باز (كلهم أعضاء في الكونفدرسيون) كانوا يتصدون للمهاجمين إحدى جهات، كانوا يطلقون النار من خنادقهم على المهاجمين و كنا نطلب منهم أن يغيروا مواقعهم حتى يشوشوا على العدو، رفاقنا كانوا يرشقون رصاصاتهم الغاضبة عليهم و هم يضحكون... توقف عواء جبهة الكفرة و كنتُ أصرخ فيهم " تكبييييييييييررررررررررررر". جاء صوتهم " ولك أرجعوا ارجعوا" و هربوا خائبين. لم تمضي ساعة حتى شنوا هجوماً جديداً، هذه المرة من جهة واحدة فقط، كنا نتصدي لهم بالكلاشينكوف و القناصة و البي كي سي، ثلاثة منا كنا نستخدم سلاحين في الوقت نفسه، لم يتمالكوا أنفسهم أمامنا و تراجعوا مرة أخرى تاركين خلفهم الكثير من الجثث و الأسلحة. بعدها بلحظات تفقدتُ رفاقي وصلتُ إلى هفال هوكر و ريناس و ميتن و تكوشر و باز و علي شير و عكيد، كلهم كانوا بخير و كانوا فرحين و يضحكون من أعماقهم. قالها هفال هوكر: " منذ خمسة أيام و نحنُ في الجبهة الأمامية دون أن نطلق رصاصة واحدة، لو عدنا من الجبهة بهذه الشكل لكان أمراً معيباً، فرحين جداً الآن لأننا تصدينا لهم و أطلقنا كل هذه الرصاصات عليهم، و أخيراً فعلنا شيء يليق بالمقاتلين في الجبهة الأمامية". قلتُ له، جيد و يجب أن تملء المخازن الفارغة لأنهم قد يهاجموا مجدداً. كان هفال متين مسرورا أكثر بالعملية و بالمقاومة. طلبتُ منهم أن يحصنوا موقعهم بالتراب و الأكياس الترابية و قلتُ لهم: " إن كل هذا التراب لا يستحق قطرة من دم أصابع أياً منكم، لذا من الأهمية أن تحموا أنفسكم".

حينها طلب هفال هوكر أن يلتقط صورة تذكارية لتلك الساعات الساخنة، كان الفجر على وشك الإنبلاج، و كانت العتمة بدأت تنجلي كانت الساعة الرابعة و ثماني و ثلاثين دقيقة بالتمام عندما استدار هفال هوكر صوب الفرب و التقطتُ له هذه الصورة التي كانت آخر صورة له. لم نستخدم الفلاشة حتى لا ينكشف مكاننا، لذا فإن الصورة لم تظهر واضحة جداً و كنا ننتظر الصبح حتى نلتقط صورة أوضح. لكننا تركنا الموقع و انتقلنا إلى تحرير موقع آخر، تركنا الموقع تحت حماية هفال هوكر و لم نستطيع التقاط صورة أخرى. لإن معارك جهنمية كانت تنتظرنا بعد ساعتين فقط، المعركة التي فقدنا فيها هوكر و باز و متين. و لم أكن أعلم بأن هذه الصورة ستكون قصة بحد ذاتها، صورة لآخر بسمة جدية من ابتسامات هفال هوكر و شاهداً على صناعة الحياة و سطر البطولة.

بولات جان