الشهداء هم حبر التاريخ

 

من هذه المقولة التي قالها معلمي أنطون سعادة قبل ثمانين عاماً أبدأ بوح حروفي التي أكتبها اليوم ولأول مرة في حضرة شهداء مدينتي، وفي هذه اليوم الذي يصادف الذكرى الأولى لأستشهادهم .
من حضرة الشهيد عابد خليل الذي لم أكن أعرفه لكني أدين له بالكثير اليوم، أدين له لأنه ضحى بدمه لتكون الشرارة الأولى في تحرير مدينتي، في تحرير الأرض والروح من خوارج العصر ومرتزقة البترودولار .
أكتب اليوم لأعبر عن فخري بأبناء الأرض، الذين سطروا أروع صور البطولة والتضحية، لحرية الإنسان، في زمن القتل والخيانة والنفوس الدنيئة الرخصية التي باعت نفسها لمن يدفع أكثر، ولا همهم قضية ولا أرض ولا شعب ولا طهارة دم.
أيها القارىء العزيز :
أن التاريخ لا يعترف سوى بالدم، والتضحية والفداء، والتاريخ يكتبه الشهداء بدمهم، ومامن قضية أنتصرت ألا بتضحيات من أعتنقها، وأن مدينتي أكبر مثال، فقد كانت كبش الفداء لبقية الشريط الحدودي، كانت قلعة للصمود التاريخي على مدار عامل كامل، بأبنائها وأطفالها ونسائها وشيوخها، كل حجر فيها يحكي حكاية شهيد، وكل جدار ينطق بأسم شهيد، وكل شبر من أرضها يروي قصة فداء وقطرات دم طاهرة سقته.
هنيئا ً لكم أبناء مدينتي ستفخرون بتاريخ صنعه رجال وأي رجال، أنهم كمال قال سعادة: أن فيكم لو فعلت لغيرت وجه التاريخ وأنها لفاعلة، وقد فعلت وغيرت وصنعت وأنجزت .
اليوم في ذكراهم الأولى أنادي كل نفس حية شريفة أن تصون ماصنعوه وماكانوا يحلمون به، أن نقف وقفة عز لهؤولاء الأبطال ومن سار بعدهم من شهداء وحدات حماية الشعب، لنكتب حروفاً من نور تبني حياتاً كريمة حرة ديمقراطية للأجيال التي لم تولد بعد .
أن الواجب ينادينا اليوم، لنكون جديرين بهذه الأمانة، بهذه الأرض بهذا التاريخ العظيم، تاريخنا الضارب في جذور التاريخ، تاريخنا الحقيقي الذي أعطى للعالم الحرف الأول والرقم الأول والحضارة الاولى بكل مراحلها وتنوع ثقافاتها.
لنمضي يداً بيد بكل ثقة، لأن التجربة أثبتت أن لا مستحيل تحت الشمس، ولا خوف على أرض يفديها أبنائها بدمائهم غير آبهين بالموت، ونحن نعشق الموت متى كان طريقاً للحياة .
وأختم كلماتي بعبارة لسعادة الذي علمني أن الدماء التي تجري في عروقنا ليست ملكنا بل هي وديعة الأمة متى طلبتها وجدتها :
إننا لقومٌ نفضل أن نستشهد قبل بلوغ غايتِنا، على أن تكون غايتُنا القناعة بما هو حاصل .
تحية للدماء الطاهرة تحية للنفوس الحرة الصامدة في مدينتي ، والمجد والخلود للشهداء .

 

محمد مير سعادة – رأس العين – سري كانيه –
20/11/2013