مدونة جوشا لانديز الأمريكية ,الثلاثاء 17 كانون الأول 2013
لقد كان كرد سورية موضوع نشرات الأخبار في الآونة الأخيرة في قتالهم و هزيمتهم للجماعات المتحالفة مع القاعدة و الجماعات المسلحة المتمردة الأخرى في نضالهم من أجل المنطقة الشمالية الشرقية من سورية ، أنشأوا فعليا في العام الماضي دويلتهم داخل البلاد . هنا نشرح الأسباب لماذا ينتصرون.
1 . تنظيمات موحدة في القيادة والسيطرة : على عكس الجماعات المسلحة المتمردة ، فإن الجماعات الكردية المسلحة (وحدات حماية الشعب) تقع تحت سيطرة قيادة عامة واحدة. وهذا يسمح لها بالعمل بشكل فعال على خط المواجهة لمسافة أكثر من 120 ميلا عن طريق ارسال الأفراد وغيرها من الأمور بسهولة نسبيا إلى حيث دعت الحاجة لتنسيق العمليات بفعالية. على النقيض من ذلك فإن أعدائهم و هم بشكل رئيسي من المقاتلين العرب,ينقسمون على الأقل إلى ست مجموعات رئيسية (الدولة الإسلامية في العراق وسورية ، جبهة النصرة ، أحرار الشام ، الجبهة الإسلامية الكردية ، لواء التوحيد ، و الجيش السوري الحر ، الذي يجتمع في ظله مجموعات صغيرة ) لديها تاريخ في عدم التنسيق. في الواقع إن بعض الجماعات المتمردة التي حاربت جنبا إلى جنب ضد الكرد , قد حاربت مرارا بعضها البعض في أمكنة آخرى.
2 . الإنضباط و المهارات التكتيكية العالية : يُصعب التأكيد كليا من هذا الجانب , لأن قادة وحدات الحماية الشعبية يمنحون الصحفيين فقط دخولا محدودا لعملياتها. و بالنظر لما قيل، فإن مواقع المواجهة ونقاط التفتيش العائدة لوحدات الحماية الشعبية التي شاهدتها تبدو مُنظمة بشكل جيد مع وجود خنادق محفورة بشكل مناسب وأماكن من أجل المدافع الرشاشة ,القناصة و الإستطلاع . تميل نقاط التفتيش إلى أن تكون من أكياس الرمل للحمايةعوضا من كتل من الاسمنت ، والتي هي أسهل للنقل و التشييد , لكنها أقل حماية ضد الرصاص لأنها تتمزق تحت تأثير الرصاصة . وهناك أيضا دليل على أن وحدات الحماية الشعبية تتلقى التدريب على يد حزب العمال الكردستاني، الفصيل المسلح الذي يمتلك عشرات السنوات من الخبرة في قتال الدولة التركية.و قد التقيت بمدرب من حزب العمال الكردستاني في بلدة تقع تحت سيطرة وحدات الحماية الشعبية و الذي قال بأنه كان يعلم تكتيكات المعركة لوحدات الحماية الشعبية .
3 . دعم شعبي واسع : القيادة السياسية لوحدات الحماية الشعبية ، هي حزب الإتحاد الديمقراطي و الذي لا يخلو جانبه من خلافات وهناك الكثير من المنتقدين له بين الكرد . و لكن بسبب وقوف وحدات الحماية الشعبية لوحدها بين الإسلاميين و البلدات الكردية ، فإن الفصيل المسلح يتلقى حاليا الكثير من الدعم الحقيقي من السكان. وهذا لا يشمل الكرد لوحدهم و إنما العرب و المسيحيين أيضا ، و كثيرون ممن لديهم خوف كبير من المقاتلين. تمتلىء المناطق الكردية بصور أفراد وحدات الحماية الشعبية الذين سقطوا في المعارك ، و تتحول الجنازات في كثير من الأحيان الى احتفالات كبيرة و التي لم يتم تنظيمها(بالرغم من التشجيع على ذلك بالتأكيد ) . على النقيض من هذا هي مكانة العدو : بعض الفصائل المقاتلة خائفون ، مُحتقرون أو حتى مكروهون في المناطق التي يسيطرون عليها ، و ذلك يعود بشكل جزئي إلى انعدام الأمن و الفساد الذي غالبا ما يلاحقهم ، و بسبب القمع الذي اثاره بعض الجماعات الأكثر تطرفا.
4 . إيديولوجية قوية: تؤيد وحدات الحماية الشعبية القومية العلمانية و التي تار يخيا أثبتت فعالية كبيرة كقوة للتعبئة الجماهيرية والحرب. القومية الكردية والتي حرمت حتى الآن من دولتها، لديها عدد كبير من الأتباع في المنطقة، و هي أقل جدلا من تلك الإيديولوجية التي يؤيدها العديد من المقاتلين ،أي الإسلام السياسي . أيديولوجية الكرد واقعية أيضا في أنها لا تعمل على إقصاء الآخرين , فالعلاقات مع الأقليات في المنطقة مثل العرب السنة و المسيحيين هي حتى الآن جيدة في الغالب ، وذلك بفضل العدو المشترك .إن القومية بطبيعة الحال قد تتحول بسهولة إلى سلوك كراهية الأجانب ، ولكن حتى الآن ليست هناك أدلة كثيرة على حدوث هذا الأمر.
5 . نظام سياسي مكشوف نسبيا:كثرا ما يُتهم حزب الإتحاد الديمقراطي بقمع خصومه السياسيين و هناك في الواقع أدلة على حدوث هذا الأمر. و بالإعتماد على ما قيل فإن البنية السياسية للحكم الذاتي الكردي هي الأكثر وضوحا في سورية في الوقت الراهن ، و ذلك يمنح مكانة ليس فقط لحزب الإتحاد الديمقراطي المُسيطر ، ولكن لمنافسه السياسي الرئيسي ، المجلس الوطني الكردي و هو عبارة عن ( تنظيم لمجموعة من الأحزاب ) . أعلن مؤخرا عن الإدارة المؤقتة و التي احتل مناصب فيها ليس فقط الكرد بل أيضا المسيحيون. هذا يساعد على ضمان بأن التمثيل ( و بالتالي الشرعية والتعبئة ) على أرضية أكثر صلابة مما هو عليه الحال في مناطق النظام حيث الدكتاتورية الخانقة و الفوضى في المدن التي تقع تحت سيطرة الثوار.
6 . شبكة من الطرق الجيدة :الشكل الجغرافي لمنطقة الحكم الذاتي الكردي يُعتبر سيء نوعا ما ، كونه واسع جدا وعميق فقط لبضعة أميال في بعض الأماكن. و لكن هذا أيضا يعتبر أمرا جيدا لأن هناك طرق معبدة بشكل جيد على طول المنطقة. وهذا يسمح بسهولة نقل القوات و الأمور الأخرى من أحد مناطق الحرب إلى آخرى. حيث يمكن قطع المسافة الكاملة لمنطقة الحكم الذاتي في نصف يوم .
7 . الحصول على الوقود : يقال بأن محافظة الحسكة تحتوي على حوالي 60 % من الثروة النفطية ( القليلة ) في سورية. لا تقع جميعها تحت سيطرة الكرد و معظم الحفارات النفطية لا تعمل في الوقت الراهن. و بناء على ذلك يجري بعض التكرير ، و الذي يوفر مصدر يعتمد عليه من الوقود لأجل شاحنات مركبات وحدات الحماية الشعبية.
8 . جبهة داخلية سليمة و آمنة: تجنب الكرد حتى الآن الإشتباك مع الحكومة ، و ذلك يعني بأنه ليس لديهم ما يدعو للقلق بشأن الغارات الجوية والقصف المدفعي .حولت العديد من المدن ,البلدات والقرى السورية التي تقع تحت سيطرة الثوار إلى ركام مع انعدام أو قليل من الكهرباء و الطعام . هذا النقص يؤثر دائما على المدنيين أكثر من المقاتلين ، و ما يصعب من الأمر أكثر هو أنهم يخوضون الحرب. كما أنهم يتجهون إلى التسبب بالفساد و الإقتتال الداخلي ، وهذا ما استطاع الكرد تجنبه حتى الآن.
9 . استراتيجية ذكية : تنبع العديد من العوامل المذكورة مسبقا من هذا الأمر . لدى الكرد أهداف حرب بسيطة و محددة واضحة تهدف إلى حماية و إدارة مناطقهم و يُركزون على الأساسيات لتحقيق هذا : إدارة قوة أمنية واحدة منظمة جيدا ، الإبقاء على الخصوم- الإسلاميين و الجيش السوري الحر - بعيدا والتوافق مع أولئك في - الحكومة - و التي لا ُتشكل أي خطر حالي. و قد تجنبوا أيضا النهب و ترويع مدنهم على عكس خصومهم.
بالتأكيد ما زال الكرد يواجهون صراعا مريرا. فهم تحت الحصار من كل جانب : أغلقت المعابر الحدودية مع تركيا و كردستان العراق, و ستبقى مغلقة حتى يتمكنوا من إيجاد حل للأمور السياسية مع جيرانهم. و هذا يضع ضغوطا هائلة عليهم اقتصاديا وعسكريا . و ليس واضحا من أين تحصل وحدات الحماية الشعبية على سلاحها و لكن الإغلاق ليس أمرا جيدا . في هذا السياق ، السيطرة مؤخرا على معبر اليعروبية على حدود العراق يُعتبر نجاحا حقيقيا كبيرا ، لأنها المرة الأولى التي تتيح لهم الوصول إلى دولة ليست معادية.
كما أن الكرد يواجهون عدوا مُعد جيدا و متفرغ ، والمتعصب فعلا و من غير المرجح أن يستسلم بسهولة ، بالرغم من أن هجمات الحكومة الأخيرة في الغرب قد تعيد تركيز انتباه الثوار . لدى الكرد أيضا علاقة غريبة مع الحكومة السورية و التي تقوم أساسا على عدو المشترك ، الثوار. ولكن هذا ليس تحالفا حقيقيا و من الممكن أن يسقط بسهولة. لا تزال الحكومة السورية ُتسيطر على مطار وقاعدة للمدفعية في وسط منطقة الحكم الذاتي الكردي ، يمكن أن تسوء الأمور بسرعة إذا انهارت تلك العلاقة.
ترجمة : تمر حسين ابراهيم
بالينت سزلانكو ( صحافي مستقل و قد قام بتغطية الأحداث في سورية منذ بداية 2012 , و قام مؤخرا برحلتين إلى المناطق الكردية )
المقال بعبر عن رأي الكاتب حصرياً